فصل: زَكَاةُ الْفِضَّةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


زَكَاةُ الْفِضَّةِ

682 - مَسْأَلَةٌ

لاَ زَكَاةَ فِي الْفِضَّةِ مَضْرُوبَةً كَانَتْ أَوْ مَصُوغَةً أَوْ نِقَارًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ أَوَاقِيَ فِضَّةٍ مَحْضَةٍ

لاَ يُعَدُّ فِي هَذَا الْوَزْنِ شَيْءٌ يُخَالِطُهَا مِنْ غَيْرِهَا فَإِذَا أَتَمَّتْ كَذَلِكَ سَنَةً قَمَرِيَّةً مُتَّصِلَةً فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ بِوَزْنِ مَكَّةَ‏,‏ وَالْخَمْسُ أَوَاقِي هِيَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ بِوَزْنِ مَكَّةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَا قَبْلَ زَكَاةِ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ وَالشَّعِيرِ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَأَتَمَّتْ بِزِيَادَتِهَا سَنَةً قَمَرِيَّةً فَفِيمَا زَادَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ رُبْعُ عُشْرِهَا‏,‏ وَهَكَذَا كُلُّ سَنَةٍ‏,‏ فَإِنْ نَقَصَ مِنْ وَزْنِ الأَوَاقِي الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ فَلْسٌ فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا خَلْطٌ‏;‏ فَإِنْ غَيَّرَ الْخَلْطُ شَيْئًا مِنْ لَوْنِ الْفِضَّةِ أَوْ مَحَكِّهَا أَوْ رَزَانَتِهَا أُسْقِطَ ذَلِكَ الْخَلْطُ فَلَمْ يُعَدَّ‏;‏ فَإِنْ بَقِيَ فِي الْفِضَّةِ الْمَحْضَةِ خَمْسُ أَوَاقِيَ زُكِّيَتْ‏,‏ وَإِلاَّ فَلاَ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ لَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِ الْفِضَّةِ زُكِّيَتْ بِوَزْنِهَا وَهَذَا كُلُّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلاَّ ثَلاَثَةَ مَوَاضِعَ‏;‏ نَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مَالِكٌ‏:‏ إنْ نَقَصَتْ الْمِائَتَا دِرْهَمٍ نُقْصَانًا تَجُوزُ بِهِ جَوَازَ الْوَزْنَةِ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَقَالَ بَعْضُ التَّابِعِينَ‏:‏ إنْ نَقَصَتْ نِصْفَ دِرْهَمٍ فَفِيهَا الزَّكَاةُ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ إذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ وَإِنْ نَقَصَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ‏,‏ وَالشَّعْبِيِّ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ وقال أبو حنيفة فِي نُقْصَانِ الْوَزْنِ كَقَوْلِ أَصْحَابِنَا‏,‏ وَاضْطَرَبَ فِي الْخَلْطِ يَكُونُ فِيهَا وقال مالك‏:‏ إنْ كَانَ فِي الدَّرَاهِمِ خَلْطٌ زُكِّيَتْ بِوَزْنِهَا كُلِّهَا وقال الشافعي‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ‏,‏ كَمَا قلنا

حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُسَدَّدُ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا مَالِكٌ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ‏,‏ وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ مِنْ الإِبِلِ الذَّوْدِ صَدَقَةٌ، وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ‏.‏

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، حدثنا بَقِيٌّ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَمَنَعَ عليه السلام مِنْ أَنْ يَجِبَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ‏,‏ فَإِذَا نَقَصَتْ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ‏.‏

فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّهُ لاَ شَيْءَ فِيهَا‏,‏ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا خَلْطٌ يَبْلُغُ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ‏,‏ وَسَقَطَ كُلُّ قَوْلٍ مَعَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ‏.‏

وَهَذَا مِمَّا خَالَفَ فِيهِ الْمَالِكِيُّونَ صَاحِبًا لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم مُخَالِفٌ وأما إذَا لَمْ يُغَيِّرْ الْخَلْطُ شَيْئًا مِنْ حُدُودِ الْفِضَّةِ وَصِفَاتِهَا فَهُوَ فِضَّةٌ‏,‏ كَالْخَلْطِ يَكُونُ فِي الْمَاءِ لاَ يُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صِفَاتِهِ‏,‏ وَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَمْ يُغَيِّرْ مَا صَارَ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ‏:‏ فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمِ الأَحْوَلِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ‏:‏ كَتَبَ عُمَرُ إلَى أَبِي مُوسَى‏:‏ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ‏,‏ وَمَكْحُولٍ‏,‏ وَعَطَاءٍ‏,‏ وَطَاوُوسٍ‏,‏ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ‏,‏ وَالزُّهْرِيِّ ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ وَ حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏;‏ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‏.‏

وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَبِالْحِسَابِ وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ‏,‏ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏,‏ وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ‏,‏ وَوَكِيعٍ‏.‏

وَأَبِي يُوسُفَ‏,‏ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ‏,‏ وَأَبِي لَيْلَى‏,‏ وَمَالِكٍ قال أبو محمد‏:‏ احْتَجَّ أَهْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ بِحَدِيثٍ مِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ كَذَّابٌ عَنْ حَبِيبِ بْنِ نَجِيحٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ حِينَ وَجَّهَهُ إلَى الْيَمَنِ أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْ الْكُسُورِ شَيْئًا‏,‏ إذَا بَلَغَ الْوَرِقُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ‏,‏ وَلاَ يَأْخُذُ مِمَّا زَادَ حَتَّى يَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا‏.‏

وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ وَهُوَ سَاقِطٌ مُطْرَحٌ بِإِجْمَاعٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ فِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏.‏

وَبِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَهُوَ سَاقِطٌ مَطْرُوحٌ بِإِجْمَاعٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ لَهُ‏:‏ يَا عَلِيُّ‏,‏ أَمَا عَلِمْتَ أَنِّي عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ‏,‏ وَالرَّقِيقِ‏,‏ فأما الْبَقَرُ وَالإِبِلُ وَالشَّاءُ فَلاَ‏,‏ وَلَكِنْ هَاتُوا رُبْعَ الْعُشْرِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ وَمِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ‏;‏ وَلَيْسَ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ‏,‏ فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَبِمَا حَدَّثَنَاهُ حُمَامُ قَالَ

حدثنا عَبَّاسٌ، حدثنا ابْنُ أَيْمَنَ أَنَا مُطَّلِبُ بْنُ شُعَيْبٍ الْمِصْرِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنْ اللَّيْثِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي الصَّدَقَةِ نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ‏,‏ وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏,‏ أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ‏,‏ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا فَذَكَرَ صَدَقَةَ الإِبِلِ‏,‏ فَقَالَ فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلاَثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً ثُمَّ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِي الْوَرِقِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ ثُمَّ فِي أَرْبَعِينَ زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ‏.‏

وَحَدَّثَنَاهُ أَيْضًا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ قَالَ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ قَالَ

حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حدثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعْت الزُّهْرِيَّ قَالَ‏:‏ هَذِهِ نُسْخَةُ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّدَقَةِ‏,‏ وَهِيَ عِنْدَ آلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏,‏ أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا‏,‏ وَهِيَ الَّتِي نَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ حِينَ أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ‏,‏ فَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا‏,‏ فَذَكَرَ فِيهَا صَدَقَةَ الإِبِلِ‏,‏ وَفِيهَا فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا كَانَتْ ثَلاَثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَلاَثِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ لَبُونٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلاَثُ حِقَاقٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَخَمْسِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسِتِّينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَثَلاَثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ وَمِائَةً‏,‏ فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلاَثُ حِقَاقٍ وَابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ وَمِائَةً‏;‏ فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ‏,‏ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ‏:‏ أَيُّ السِّنِينَ وُجِدَتْ فِيهَا أُخِذَتْ وَذَكَرَ صَدَقَةَ الْغَنَمِ‏.‏

قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ وَلَيْسَ فِي الرِّقَةِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ ‏"‏‏.‏

ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ دِرْهَمٌ‏;‏ وَلَيْسَ فِي الذَّهَبِ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏;‏ فَإِذَا بَلَغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ ثُمَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا يَبْلُغُ صَرْفُهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَفِيهَا دِينَارٌ‏,‏ ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ فَفِي كُلِّ صَرْفِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ ‏"‏ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏قَدْ عَفَوْتُ عَنْ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ‏,‏ فَهَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَّةِ‏,‏ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏)‏‏.‏

هَذَا كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ الآثَارِ‏,‏ قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ لَهُمْ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَقَصَّوْنَهُ لاَِنْفُسِهِمْ وَاحْتَجُّوا بِأَنْ قَالُوا‏:‏ قَدْ صَحَّتْ الزَّكَاةُ فِي الأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِإِجْمَاعٍ‏;‏ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَبَيْنَ الأَرْبَعِينَ‏,‏ فَلاَ تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ بِاخْتِلاَفٍ وَقَالُوا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ‏:‏ لَمَّا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ لَهَا نِصَابٌ لاَ تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُ‏,‏ وَكَانَتْ الزَّكَاةُ تَتَكَرَّرُ فِيهَا كُلَّ عَامٍ‏:‏ أَشْبَهَتْ الْمَوَاشِيَ‏;‏ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أَوْقَاصٌ كَمَا فِي الْمَوَاشِي وَلَمْ يَجُزْ أَنْ تُقَاسَ عَلَى الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ‏;‏ لأَِنَّ الزَّكَاةَ هُنَالِكَ مَرَّةٌ فِي الدَّهْرِ لاَ تَتَكَرَّرُ‏,‏ بِخِلاَفِ الْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ هَذَا كُلُّ مَا شَغَبُوا بِهِ مِنْ نَظَرٍ وَقِيَاسٍ وَكُلُّ مَا احْتَجُّوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ‏;‏ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ‏,‏ عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ أَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَسَاقِطٌ مُطْرَحٌ‏;‏ لاَِنَّهُ عَنْ كَذَّابٍ وَاضِعٍ لِلأَحَادِيثِ‏,‏ عَنْ مَجْهُولٍ‏:‏ وأما حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ حَزْمٍ فَصَحِيفَةٌ مُرْسَلَةٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ‏;‏ وَأَيْضًا فَإِنَّهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد الْجَزَرِيِّ‏,‏ وَهُوَ سَاقِطٌ مُطْرَحٌ‏.‏

ثُمَّ لَوْ صَحَّ كَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ زَائِدًا عَلَى هَذَا الْخَبَرِ‏,‏ وَالزِّيَادَةُ لاَ يَحِلُّ تَرْكُهَا‏;‏ لأَِنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إلاَّ أَنَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا فَقَطْ‏;‏ وَلَيْسَ فِيهِ أَنْ لاَ زَكَاةَ فِيمَا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَبَيْنَ الأَرْبَعِينَ‏:‏ وأما حَدِيثُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ فَسَاقِطٌ‏,‏ لِلاِتِّفَاقِ عَلَى سُقُوطِ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ وَلَوْ صَحَّ لَكَانُوا قَدْ خَالَفُوهُ‏;‏ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ‏,‏ وَفِي الْخَيْلِ‏,‏ وَالرَّقِيقِ الْمُتَّخَذِينَ لِلتِّجَارَةِ‏,‏ وَفِي هَذَا الْخَبَرِ سُقُوطُ الزَّكَاةِ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ جُمْلَةً‏,‏ فَمَنْ أَقْبَحُ سِيرَةً مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِخَبَرٍ لَيْسَ فِيهِ بَيَانُ مَا يَدَّعِي‏;‏ وَهُوَ يُخَالِفُهُ فِي نَصِّ مَا فِيهِ وَلَوْ صَحَّ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ قَوْلُهُ عليه السلام‏:‏ فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ زَائِدًا‏,‏ وَالزِّيَادَةُ لاَ يَجُوزُ تَرْكُهَا‏:‏ وأما حَدِيثُ الزُّهْرِيِّ فَمُرْسَلٌ أَيْضًا‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ‏;‏ وَاَلَّذِي فِيهِ مِنْ حُكْمِ زَكَاةِ الْوَرِقِ‏,‏ وَالذَّهَبِ فَإِنَّمَا هُوَ كَلاَمُ الزُّهْرِيِّ‏,‏ كَمَا أَوْرَدْنَاهُ آنِفًا مِنْ رِوَايَةِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ وَالْعَجَبُ كُلَّ الْعَجَبِ تَرْكُهُمْ مَا فِي الصَّحِيفَةِ الَّتِي رَوَاهَا الزُّهْرِيُّ نَصًّا مِنْ صِفَةِ زَكَاةِ الإِبِلِ‏.‏

وَاحْتِجَاجُهُمْ بِمَا لَيْسَ مِنْهَا وَخَالَفُوا الزُّهْرِيَّ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ زَكَاةِ الذَّهَبِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا تَلاَعُبٌ بِالدِّيَانَةِ وَبِالْحَقَائِقِ وَبِالْعُقُولِ‏:‏ وأما حَدِيثُ عَلِيٍّ الَّذِي خَتَمْنَا بِهِ فَصَحِيحٌ مُسْنَدٌ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ‏,‏ بَلْ هُوَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ‏,‏ لأَِنَّ فِيهِ قَدْ عَفَوْتُ عَنْ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ وَهُمْ يَرَوْنَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ السَّائِمَةِ‏,‏ وَاَلَّتِي لِلتِّجَارَةِ‏,‏ وَفِي الرَّقِيقِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ‏.‏

وَمِنْ الشَّنَاعَةِ احْتِجَاجُهُمْ بِحَدِيثٍ هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ فِي نَصِّ مَا فِيهِ، وَلاَ دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا يَقُولُونَ لِوَجْهَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا أَنَّ نَصَّهُ هَاتُوا صَدَقَةَ الرِّقَةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِي تِسْعِينَ وَمِائَةٍ شَيْءٌ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏.‏

وَنَعَمْ‏,‏ هَكَذَا هُوَ‏;‏ لأَِنَّ فِي الْمِائَتَيْنِ أَرْبَعِينَ مُكَرَّرَةً خَمْسَ مَرَّاتٍ‏,‏ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ وَنَحْنُ لاَ نُنْكِرُ أَنَّ فِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا زَائِدًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ إسْقَاطُ الزَّكَاةِ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ زَائِدَةً عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ‏:‏ وَأَيْضًا فَهُمْ يَقُولُونَ‏:‏ إنَّ الصَّاحِبَ إذَا رَوَى خَبَرًا ثُمَّ خَالَفَهُ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ ذَلِكَ الْخَبَرِ‏.‏

كَمَا ادَّعَوْا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ كَمَا ذَكَرْنَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَالزَّكَاةُ فِيهِ بِحِسَابِ الْمِائَتَيْنِ‏,‏ فَلَوْ كَانَ فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ مَا يَدَّعُونَهُ مِنْ إسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَمَّا بَيْنَ الْمِائَتَيْنِ وَالأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ لَكَانَ قَوْلُ عَلِيٍّ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِمَا مُسْقِطًا لِمَا رَوَى مِنْ ذَلِكَ وَالْقَوْمُ مُتَلاَعِبُونَ قال أبو محمد‏:‏ فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ الآثَارِ‏,‏ وَعَادَتْ حُجَّةً عَلَيْهِمْ كَمَا أَوْرَدْنَا وأما قَوْلُهُمْ‏:‏ قَدْ صَحَّتْ الزَّكَاةُ فِي الأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْنِ بِإِجْمَاعٍ‏,‏ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَ الأَرْبَعِينَ‏,‏ فَلاَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا بِاخْتِلاَفٍ‏:‏ فَإِنَّ هَذَا كَانَ يَكُونُ احْتِجَاجًا صَحِيحًا لَوْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَلَكِنَّ هَذَا الاِسْتِدْلاَلَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِهِمْ فِي زَكَاةِ الْخَيْلِ وَزَكَاةِ الْبَقَرِ وَمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِمَّا أَخْرَجَتْ الأَرْضُ وَالْحُلِيُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ‏,‏ وَيَهْدِمُ عَلَيْهِمْ أَكْثَرَ مَذَاهِبِهِمْ‏.‏

وأما قِيَاسُهُمْ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَلَى زَكَاةِ الْمَوَاشِي بِعِلَّةِ تَكَرُّرِ الصَّدَقَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ بِخِلاَفِ زَكَاةِ الزَّرْعِ‏:‏ فَقِيَاسٌ فَاسِدٌ‏;‏ بَلْ لَوْ كَانَ الْقِيَاسُ حَقًّا لَكَانَ قِيَاسُ الْعَيْنِ عَلَى الزَّرْعِ أَوْلَى لأَِنَّ الْمَوَاشِيَ حَيَوَانٌ‏,‏ وَالْعَيْنُ‏,‏ وَالزَّرْعُ‏,‏ وَالتَّمْرُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيَوَانًا‏,‏ فَقِيَاسُ زَكَاةِ مَا لَيْسَ حَيًّا عَلَى زَكَاةِ مَا لَيْسَ حَيًّا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِ مَا لَيْسَ حَيًّا عَلَى حُكْمِ الْحَيِّ‏.‏

وَأَيْضًا فَإِنَّ الزَّرْعَ‏,‏ وَالتَّمْرَ‏,‏ وَالْعَيْنَ كُلَّهَا خَارِجٌ مِنْ الأَرْضِ‏,‏ وَلَيْسَ الْمَاشِيَةُ كَذَلِكَ‏,‏ فَقِيَاسُ مَا خَرَجَ مِنْ الأَرْضِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ الأَرْضِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الأَرْضِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا وَقْصَ الْوَرِقِ تِسْعَةً وَثَلاَثِينَ دِرْهَمًا‏,‏ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ وَقْصٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَثَلاَثِينَ‏;‏ فَظَهَرَ فَسَادُ قِيَاسِهِمْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ فَسَقَطَ كُلُّ مَا مَوَّهُوا بِهِ ثُمَّ وَجَدْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه بِمِثْلِ قَوْلِهِمْ لاَ تَصِحُّ‏,‏ لأَِنَّهَا عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُمَرَ‏,‏ وَالْحَسَنُ لَمْ يُولَدْ إلاَّ لِسَنَتَيْنِ بَاقِيَتَيْنِ مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ‏;‏ فَبَقِيَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما بِمِثْلِ قَوْلِنَا‏,‏ وَلاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم خِلاَفٌ لِذَلِكَ قال أبو محمد‏:‏ فَإِذْ لَمْ يَبْقَ لاَِهْلِ هَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلِّقٌ نَظَرْنَا فِي الْقَوْلِ الثَّانِي‏:‏ فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا ثُمَامَةُ بْنُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ‏:‏ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إلَى الْبَحْرَيْنِ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏,‏ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ عُشْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إلاَّ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ‏,‏ إلاَّ أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا‏.‏

فَأَوْجَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّدَقَةَ فِي الرَّقَبَةِ‏,‏ وَهِيَ الْوَرِقُ‏,‏ رُبْعُ الْعُشْرِ عُمُومًا لَمْ يَخُصَّ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا إلاَّ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ‏;‏ فَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ‏;‏ فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

زَكَاةُ الذَّهَبِ

683 - مَسْأَلَةٌ

قَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِثْقَالاً مِنْ الذَّهَبِ الصِّرْفِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُهُ شَيْءٌ بِوَزْنِ مَكَّةَ

سَوَاءٌ‏:‏ مَسْكُوكُهُ‏,‏ وَحُلِيُّهُ‏,‏ وَنِقَارُهُ وَمَصُوغُهُ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ مِثْقَالاً كَمَا ذَكَرْنَا وَأَتَمَّ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ الْوَاحِدِ عَامًا قَمَرِيًّا مُتَّصِلاً فَفِيهِ رُبْعُ عُشْرِهِ‏,‏ وَهُوَ مِثْقَالٌ‏,‏ وَهَكَذَا فِي كُلِّ عَامٍ‏,‏ وَفِي الزِّيَادَةِ عَلَى ذَلِكَ إذَا أَتَمَّ أَرْبَعِينَ مِثْقَالاً أُخْرَى وَبَقِيَتْ عَامًا كَامِلاً دِينَارٌ آخَرُ‏,‏ وَهَكَذَا أَبَدًا فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا زَائِدَةً دِينَارٌ‏,‏ وَلَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ زَائِدٌ حَتَّى تَتِمَّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ خُلِطَ لَمْ يُغَيَّرْ لَوْنُهُ أَوْ رَزَانَتُهُ أَوْ حَدُّهُ سَقَطَ حُكْمُ الْخَلْطِ‏;‏ فَإِنْ كَانَ فِيمَا بَقِيَ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ زُكِّيَ‏.‏

وَإِلاَّ فَلاَ‏.‏

فَإِنْ نَقَصَ مِنْ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ مَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ‏,‏ وَفِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرْنَا اخْتِلاَفٌ نَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ جُمْهُورُ النَّاسِ‏:‏ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا لاَ أَقَلَّ‏:‏ وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِمَّا حَدَّثَنَاهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلاَّمٍ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ زُرَيْقِ بْنِ حَيَّانَ قَالَ‏:‏ كَتَبَ إلَيَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ‏:‏ اُنْظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَخُذْ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِمَّا يُدِيرُونَ فِي التِّجَارَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارًا‏,‏ وَمَا نَقَصَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا‏;‏ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا قال أبو محمد‏:‏ فَهَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَرَى فِي الذَّهَبِ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ وَإِنْ نَقَصَتْ‏;‏ فَإِنْ نَقَصَتْ ثُلُثَ دِينَارٍ فَلاَ صَدَقَةَ فِيهَا وقال مالك‏:‏ إنْ نَقَصَتْ نُقْصَانًا تَجُوزُ بِهِ جَوَازَ الْمُوَازَنَةِ زُكِّيَتْ‏,‏ وَإِلاَّ فَلاَ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ إنْ كَانَ فِي الدَّنَانِيرِ الذَّهَبِ وَحُلِيِّ الذَّهَبِ خَلْطٌ زَكَّى الدَّنَانِيرَ بِوَزْنِهَا وقال الشافعي‏:‏ لاَ يُزَكَّى إلاَّ مَا فَضَلَ عَنْ الْخَلْطِ مِنْ الذَّهَبِ الْمَحْضِ‏,‏ وَلاَ يُزَكَّى مَا نَقَصَ عَنْ عِشْرِينَ دِينَارًا، وَلاَ بِمَا كَثُرَ وقال أبو حنيفة‏,‏ وَغَيْرُهُ‏:‏ الزَّكَاةُ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ‏,‏ فَإِنْ زَادَتْ فَلاَ صَدَقَةَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَفِيهَا رُبْعُ عُشْرِهَا‏,‏ وَهَكَذَا أَبَدًا‏.‏

وقال مالك‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ‏:‏ مَا زَادَ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَفِيهِ رُبْعُ عُشْرِهِ وَرُوِّينَا عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِيمَا زَادَ حَتَّى تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَهَكَذَا أَبَدًا وَرُوِّينَا عَنْ الزُّهْرِيِّ وَعَطَاءٍ‏:‏ أَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الذَّهَبِ بِالْقِيمَةِ‏,‏ كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حدثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت الزُّهْرِيَّ يَقُولُ‏:‏ لَيْسَ فِي الذَّهَبِ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَ صَرْفُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ ثُمَّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا يَبْلُغُ صَرْفُهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِينَارًا‏,‏ فَفِيهَا دِينَارٌ‏,‏ ثُمَّ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الذَّهَبِ فَفِي صَرْفِ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ‏.‏

حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عَطَاءٌ‏,‏ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ‏:‏ لاَ يَكُونُ فِي مَالِ زَكَاةٍ حَتَّى يَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا‏;‏ فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ‏,‏ ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ يَزِيدُهَا الْمَالُ دِرْهَمٌ‏,‏ حَتَّى يَبْلُغَ الْمَالُ أَرْبَعِينَ دِينَارًا‏,‏ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ‏.‏

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِحِينٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ‏:‏ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا وَالصَّرْفُ اثْنَا عَشَرَ أَوْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ بِدِينَارٍ‏,‏ فِيهَا صَدَقَةٌ‏.‏

قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏,‏ إذَا كَانَتْ لَوْ صُرِفَتْ بَلَغَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏;‏ إنَّمَا كَانَتْ إذْ ذَلِكَ الْوَرِقَ وَلَمْ يَكُنْ ذَهَبٌ وَمِمَّنْ قَالَ‏:‏ بِأَنْ لاَ زَكَاةَ فِي الذَّهَبِ إلاَّ بِقِيمَةِ مَا يَبْلُغُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَاعِدًا مِنْ الْوَرِقِ‏:‏ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاشِحِيُّ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ أَمَّا مَنْ قَالَ‏:‏ لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ ذَهَبٌ‏:‏ فَخَطَأٌ‏,‏ كَيْفَ هَذَا وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ‏:‏ ‏{‏وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏}‏‏.‏

وَالأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي كَوْنِ الذَّهَبِ عِنْدَهُمْ كَثِيرَةٌ جِدًّا‏,‏ كَقَوْلِهِ عليه السلام‏:‏ الذَّهَبُ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلاَلٌ لاِِنَاثِهَا وَاتِّخَاذُهُ عليه السلام خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ رَمَى بِهِ‏,‏ وَغَيْرُ ذَلِكَ كَثِيرٌ وَإِيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ بِقِيمَةِ الْفِضَّةِ قَوْلٌ لاَ دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ، وَلاَ نَظَرٍ‏;‏ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

ثُمَّ نَظَرْنَا هَلْ صَحَّ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ شَيْءٌ أَمْ لاَ‏.‏

فَوَجَدْنَا مَا حَدَّثَنَاهُ حُمَامُ قَالَ

حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏;‏ وَفِيهِ‏:‏ مَنْ كَانَتْ لَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ لَمْ يُؤَدِّ مَا فِيهَا جُعِلَتْ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَوُضِعَتْ عَلَى جَنْبِهِ وَظَهْرِهِ وَجَبْهَتِهِ‏,‏ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ‏,‏ ثُمَّ يَرَى سَبِيلَهُ‏.‏

فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ بِهَذَا الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ‏,‏ فَوَجَبَ طَلَبُ الْوَاجِبِ فِي الذَّهَبِ الَّذِي مَنْ لَمْ يُؤَدِّهِ عُذِّبَ هَذَا الْعَذَابَ الْفَظِيعَ‏,‏ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ‏,‏ بَعْدَ الإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ الْمَقْطُوعِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُرِدْ كُلَّ عَدَدٍ مِنْ الذَّهَبِ‏,‏ وَلاَ كُلَّ وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ‏,‏ وَأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي عَدَدٍ مَعْدُودٍ‏,‏ وَفِي وَقْتٍ مَحْدُودٍ‏,‏ فَوَجَبَ فَرْضًا طَلَبُ ذَلِكَ الْعَدَدِ وَذَلِكَ الْوَقْتِ فَوَجَدْنَا مَنْ حَدَّ فِي ذَلِكَ عِشْرِينَ دِينَارًا احْتَجَّ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ‏:‏ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَآخَرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ‏,‏ وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ كَلاَمًا‏,‏ وَفِيهِ وَلَيْسَ عَلَيْكَ شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ يَعْنِي فِي الذَّهَبِ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَ لَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ‏,‏ فَمَا زَادَ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ‏.‏

قَالَ‏:‏ لاَ أَدْرِي‏,‏ أَعَلِيٌّ يَقُولُ ‏"‏ بِحِسَابِ ذَلِكَ‏,‏ ‏"‏ أَوْ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ وَمِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالاً مِنْ الذَّهَبِ، وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ صَدَقَةٌ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ هُرْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي كِتَابِ عُمَرَ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّ الذَّهَبَ لاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ دِينَارًا‏,‏ فَإِذَا بَلَغَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَفِيهِ نِصْفُ دِينَارٍ‏.‏

وَذُكِرَ فِيهِ قَوْمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إنَّ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا الزَّكَاةَ‏.‏

قال علي‏:‏ هذا كُلُّ مَا ذَكَرُوا فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وأما عَمَّنْ دُونَهُ عليه السلام فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ وَلاَّنِي عُمَرُ الصَّدَقَاتِ‏,‏ فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ‏,‏ فَمَا زَادَ فَبَلَغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ فَفِيهِ دِرْهَمٌ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ

حدثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ‏,‏ وَفِي عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ‏,‏ وَفِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ‏:‏ كَانَ لاِمْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ طَوْقٌ فِيهِ عِشْرُونَ مِثْقَالاً فَأَمَرَهَا أَنْ تُخْرِجَ عَنْهُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ‏:‏ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالاً نِصْفُ مِثْقَالٍ‏;‏ وَفِي أَرْبَعِينَ مِثْقَالاً مِثْقَالٌ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ أَبِيهِ

حدثنا هُشَيْمٌ‏,‏ وَالْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ هُشَيْمٌ‏:‏ أَنَا مَنْصُورٌ‏,‏ وَمُغِيرَةُ‏,‏ قَالَ مَنْصُورٌ‏:‏ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ وَقَالَ مُغِيرَةُ‏:‏ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَقَالَ الْمُعْتَمِرُ‏:‏ عَنْ هِشَامٍ عَنْ الْحَسَنِ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَسَنُ‏,‏ وَابْنُ سِيرِينَ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمُ‏;‏ قَالُوا كُلُّهُمْ‏:‏ فِي عِشْرِينَ دِينَارًا‏,‏ وَفِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي غَنِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْحَكَمِ، هُوَ ابْنُ عُتَيْبَةَ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى فِي عِشْرِينَ دِينَارًا زَكَاةً حَتَّى تَكُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالاً‏,‏ فَيَكُونُ فِيهَا نِصْفُ مِثْقَالٍ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ عَنْ عَطَاءٍ‏,‏ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ‏,‏ وَذَكَرْنَا رُجُوعَ عَطَاءٍ عَنْ ذَلِكَ قال أبو محمد‏:‏ مَا نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ التَّابِعِينَ غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا فأما كُلُّ مَا ذَكَرُوا فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلاَ يَصِحُّ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ صَحَّ لَمَا اسْتَحْلَلْنَا خِلاَفَهُ‏;‏ وَأَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ أَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ الَّذِي صَدَّرْنَا بِهِ فَإِنَّ ابْنَ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَرَنَ فِيهِ بَيْنَ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَبَيْنَ الْحَارِثِ الأَعْوَرِ‏,‏ وَالْحَارِثُ كَذَّابٌ‏,‏ وَكَثِيرٌ مِنْ الشُّيُوخِ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ مِثْلُ هَذَا‏,‏ وَهُوَ أَنَّ الْحَارِثَ أَسْنَدَهُ وَعَاصِمٌ لَمْ يُسْنِدْهُ‏,‏ فَجَمَعَهُمَا جَرِيرٌ‏,‏ وَأَدْخَلَ حَدِيثَ أَحَدِهِمَا فِي الآخَرِ‏.‏

وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ عَلِيٍّ‏:‏ شُعْبَةُ‏,‏ وَسُفْيَانُ‏,‏ وَمَعْمَرُ‏,‏ فَأَوْقَفُوهُ عَلَى عَلِيٍّ‏,‏ وَهَكَذَا كُلُّ ثِقَةٍ رَوَاهُ عَنْ عَاصِمٍ‏.‏

وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ الْحَارِثِ‏,‏ وَعَاصِمٍ‏:‏ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فَشَكَّ فِيهِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حدثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ‏,‏ وَعَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ‏.‏

قَالَ زُهَيْرٌ‏:‏ أَحْسَبُهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ صَدَقَةَ الْوَرِقِ‏,‏ إذَا كَانَتْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ‏,‏ فَمَا زَادَ فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ‏.‏

وَقَالَ فِي الْبَقَرِ‏:‏ فِي كُلِّ ثَلاَثِينَ تَبِيعٌ‏,‏ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ‏,‏ وَلَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ‏.‏

وَقَالَ فِي الإِبِلِ‏,‏ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ خَمْسٌ مِنْ الْغَنَمِ‏,‏ فَإِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ‏,‏ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ‏.‏

قَالَ زُهَيْرٌ‏:‏ وَفِي حَدِيثِ عَاصِمٍ‏:‏ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الإِبِلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلاَ ابْنُ لَبُونٍ فَعَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ شَاتَانِ‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ حَدِيثُ مَالِكٍ‏;‏ وَلَوْ أَنَّ جَرِيرًا أَسْنَدَهُ عَنْ عَاصِمٍ وَحْدَهُ لاََخَذْنَا بِهِ‏;‏ لَكِنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلاَّ عَنْ الْحَارِثِ مَعَهُ‏,‏ وَلَمْ يَصِحَّ لَنَا إسْنَادُهُ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ‏,‏ ثُمَّ لَمَّا شَكَّ زُهَيْرٌ فِيهِ بَطَلَ إسْنَادُهُ‏.‏

ثُمَّ يَلْزَمُ مَنْ صَحَّحَهُ أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ‏,‏ وَلَيْسَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ لَنَا طَائِفَةٌ إلاَّ وَهِيَ تُخَالِفُ مَا فِيهِ‏,‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ مَا فِي الْخَبَرِ حُجَّةً وَبَعْضُهُ غَيْرَ حُجَّةٍ‏;‏ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا الْخَبَرِ أَمَّا خَبَرُ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ فَالْحَسَنُ مُطْرَحٌ وأما حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَصَحِيفَةٌ مُرْسَلَةٌ‏.‏

وَرَوَاهُ أَيْضًا ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَهُوَ سَيِّئُ الْحِفْظِ‏.‏

فَإِنْ لَجُّوا عَلَى عَادَاتِهِمْ وَصَحَّحُوا حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إذَا وَافَقَهُمْ فَلْيَسْتَمِعُوا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لاَ يَجُوزُ لاِمْرَأَةٍ أَمْرٌ فِي مَالِهَا إذَا مَلَكَ زَوْجُهَا عِصْمَتَهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لاَ يَجُوزُ لاِمْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إلاَّ بِإِذْنِ زَوْجِهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْعَلاَءِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام‏:‏ أَنَّهُ قَضَى فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ السَّادَّةِ لِمَكَانِهَا بِثُلُثِ الدِّيَةِ‏.‏

وَعَنْ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ كَانَتْ قِيمَةُ الدِّيَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِمِائَةِ دِينَارٍ ثَمَانِيَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ‏,‏ وَدِيَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْمُسْلِمِ‏,‏ وَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى اُسْتُحْلِفَ عُمَرُ‏,‏ فَقَامَ خَطِيبًا فَفَرَضَهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ‏,‏ وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ‏,‏ وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ‏,‏ وَعَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ‏,‏ وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ مِائَتَيْ حُلَّةٍ‏,‏ وَتَرَكَ دِيَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرْفَعْهَا فِيمَا رَفَعَ مِنْ الدِّيَةِ‏.‏

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَى أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَدِيَتُهُ مِائَةٌ مِنْ الإِبِلِ‏,‏ ثَلاَثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ‏,‏ وَثَلاَثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَرٍ‏,‏ وَعِشْرُونَ حِقَّةً‏,‏ وَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ يَعْنِي فِي الدِّيَةِ وَمَنْ كَانَتْ دِيَتُهُ فِي الشَّاءِ فَأَلْفَا شَاةٍ وَكُلُّ هَذَا فَجَمِيعُ الْحَنَفِيَّةِ‏,‏ وَالْمَالِكِيَّةِ‏,‏ وَالشَّافِعِيَّةِ‏:‏ مُخَالِفُونَ لاَِكْثَرِهِ‏,‏ وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَزِيدَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ لاََمْكَنَ ذَلِكَ‏,‏ وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ، وَلاَ أَرَقُّ دِينًا مِمَّنْ يُوَثِّقُ رِوَايَةً إذَا وَافَقَتْ هَوَاهُ‏,‏ وَيُوهِنُهَا إذَا خَالَفَتْ هَوَاهُ فَمَا يَتَمَسَّكُ فَاعِلُ هَذَا مِنْ الدِّينِ إلاَّ بِالتَّلاَعُبِ وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُرْسَلٌ وَعَنْ مَجْهُولٍ أَيْضًا‏.‏

وأما حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ مَجْهُولٌ‏.‏

فَسَقَطَ كُلُّ مَا فِي هَذَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَصِحَّ مِنْهُ شَيْءٌ وأما مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَلاَ يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ‏,‏ لأَِنَّ رَاوِيَهُ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ‏,‏ وَهُوَ ضَعِيفٌ‏.‏

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ هَذَا‏;‏ وَكُلُّهُمْ يُخَالِفُونَهُ‏:‏ كَمَا حَدَّثَنَا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ وَمَعْمَرٍ قَالَ هِشَامٌ‏:‏ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ‏,‏ وَقَالَ سُفْيَانُ‏,‏ وَمَعْمَرُ‏:‏ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ‏:‏ بَعَثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى الأَبِلَةِ فَأَخْرَجَ إلَيَّ كِتَابًا مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏"‏ خُذْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَمِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمًا وَمِمَّنْ لاَ ذِمَّةَ لَهُ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ دِرْهَمًا ‏"‏‏.‏

فَهَذَا أَنَسٌ‏,‏ وَعُمَرُ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يُمْكِنُ‏;‏ فَإِنْ تَأَوَّلُوا فِيهِ تَأْوِيلاً يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ فَمَا هُمْ بِأَقْوَى عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ فِيمَا يَحْتَجُّونَ بِهِ‏,‏ وَمَا يَعْجِزُ أَحَدٌ عَنْ أَنْ يَقُولَ‏:‏ إنَّمَا أَمَرَ عُمَرُ فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا بِنِصْفِ دِينَارٍ كَمَا أَمَرَ فِي الرَّقِيقِ وَالْخَيْلِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ كُلِّ رَأْسٍ‏:‏ إذَا طَابَتْ نَفْسُ مَالِكِ كُلِّ ذَلِكَ بِهِ‏,‏ وَإِلاَّ فَلاَ وأما الْخَبَرُ فِي ذَلِكَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَمُرْسَلٌ، وَلاَ يَأْخُذُ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ‏,‏ وَلاَ الشَّافِعِيُّونَ‏,‏ وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ حُجَّةً فِي بَعْضِ حُكْمِهِ ذَلِكَ، وَلاَ يَكُونُ حُجَّةً فِي بَعْضِهِ‏,‏ وَالْمُسَامَحَةُ فِي الدِّينِ هَلاَكٌ وأما قَوْلُ عَلِيٍّ فَهُوَ صَحِيحٌ‏,‏ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقِ نَفْسِهَا أَشْيَاءَ كَثِيرَةً قَدْ ذَكَرْنَاهَا‏:‏ مِنْهَا‏:‏ فِي كُلِّ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الإِبِلِ خَمْسًا مِنْ الْغَنَمِ‏,‏ وَكُلُّهُمْ مُخَالِفٌ لِهَذَا‏.‏

وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَلِيٍّ حُجَّةً فِي مَكَان غَيْرَ حُجَّةٍ فِي آخَرَ فَبَطَلَ كُلُّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ آثَارِ الصَّحَابَةِ رضي الله تعالى عنهم‏.‏

ثُمَّ حَتَّى لَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الآثَارُ كُلُّهَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏:‏ لَكَانُوا مُخَالِفِينَ لَهَا‏;‏ لأَِنَّ الْحَنَفِيِّينَ‏,‏ وَالْمَالِكِيِّينَ يَقُولُونَ‏:‏ إنْ كَانَتْ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ وَمِائَةَ دِرْهَمٍ فَفِيهَا الصَّدَقَةُ‏,‏ وَكُلُّ هَذِهِ الآثَارِ تُبْطِلُ الزَّكَاةَ عَنْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا‏;‏ وَهُمْ يُوجِبُونَهَا فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا‏;‏ فَصَارَتْ كُلُّهَا حُجَّةً عَلَيْهِمْ‏,‏ وَعَادَ مَا صَحَّحُوا مِنْ ذَلِكَ قَاطِعًا بِهِمْ أَقْبَحَ قَطْعٍ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْخِذْلاَنِ وَالْمَالِكِيُّونَ‏:‏ يُوجِبُونَهَا فِي عِشْرِينَ دِينَارًا نَاقِصَةً إذَا جَازَتْ جَوَازَ الْمُوَازَنَةِ‏,‏ وَهَذَا خِلاَفُ مَا فِي هَذِهِ الأَخْبَارِ كُلِّهَا وأما التَّابِعُونَ فَقَدْ اخْتَلَفُوا كَمَا ذَكَرْنَا‏,‏ وَصَحَّ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ وَعَطَاءٍ‏:‏ أَنَّهُ لاَ يُزَكَّى مِنْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إلاَّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا‏,‏ لاَ أَقَلَّ‏;‏ ثُمَّ كَذَلِكَ إذَا زَادَتْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا‏,‏ وَرَأَوْا الزَّكَاةَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَ كُلِّ أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعِينَ بَعْدَهَا الْقِيمَةُ‏;‏ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ قَوْلاً لاَ يُوجِبُهُ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ، وَلاَ دَلِيلٌ أَصْلاً‏;‏ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ‏.‏

وَقَدْ حدثنا حمام، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْبَاجِيَّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ، حدثنا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنْ أَشْعَثَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ‏:‏ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا شَيْءٌ قال أبو محمد‏:‏ فَصَحَّتْ الزَّكَاةُ فِي أَرْبَعِينَ مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ زَائِدَةً‏:‏ بِالإِجْمَاعِ الْمُتَيَقَّنِ الْمَقْطُوعِ بِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، وَلاَ فِيمَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ‏:‏ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ‏,‏ وَلاَ يَجُوزُ أَنْ تُؤْخَذَ الشَّرَائِعُ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ إلاَّ بِأَحَدِ هَذِهِ الثَّلاَثَةِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ فَلَيْسَ إلاَّ هَذَا الْقَوْلُ‏,‏ أَوْ قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ قَدْ صَحَّ أَنَّ فِي الذَّهَبِ زَكَاةً بِالنَّصِّ الثَّابِتِ‏;‏ فَالْوَاجِبُ أَنْ يُزَكَّى كُلُّ ذَهَبٍ‏,‏ إلاَّ ذَهَبًا صَحَّ الإِجْمَاعُ عَلَى إسْقَاطِ زَكَاتِهَا فَمَنْ قَالَ هَذَا‏:‏ فَوَاجِبٌ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ كُلَّ مَا دُونَ الْعِشْرِينَ بِالْقِيمَةِ‏,‏ وَأَنْ يُزَكِّيَ حُلِيَّ الذَّهَبِ‏,‏ وَأَنْ يُزَكِّيَ كُلَّ ذَهَبٍ حِينَ يَمْلِكُهُ مَالِكُهُ فَكُلُّ هَذَا قَدْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَجَلُّ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَمَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ قال أبو محمد‏:‏ وَلَمْ نَقُلْ بِهَذَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُنْسَبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلاَ إلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلٌ إلاَّ بِيَقِينِ نَقْلٍ صَحِيحٍ مِنْ رِوَايَةِ الإِثْبَاتِ أَوْ بِنَقْلِ تَوَاتُرٍ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ‏,‏ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الأَحْوَالِ مَوْجُودًا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ وَقَدْ قلنا‏:‏ إنَّ الإِجْمَاعَ قَدْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُ عليه السلام لَمْ يُوجِبْ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْ الذَّهَبِ‏,‏ وَلاَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ الدَّهْرِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏;‏ قال أبو محمد‏:‏ وأما قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمَا تَعَلَّقَ بِمَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏;‏ لأَِنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُزَكَّى بِالدَّرَاهِمِ‏.‏

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ تَزْكِيَةُ الذَّهَبِ بِالدَّرَاهِمِ‏,‏ وَهَذَا يَخْرُجُ عَلَى قَوْلِ الزُّهْرِيِّ‏,‏ وَعَطَاءٍ‏,‏ وَمَا وَجَدْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلاَ مِنْ التَّابِعِينَ أَنَّ الْوَقْصَ فِي الذَّهَبِ يُزَكَّى بِالذَّهَبِ فَخَرَجَ قَوْلُهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَلَفٌ وَنَسْأَلُهُمْ أَيْضًا‏:‏ مِنْ أَيْنَ جَعَلْتُمْ الْوَقْصَ فِي الذَّهَبِ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَلَيْسَ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الآثَارِ الَّتِي احْتَجَجْتُمْ بِهَا‏;‏ بَلْ الأَثَرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنَّهُ يُزَكَّى بِالْحِسَابِ‏;‏ وَإِنَّمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ لاَ يَصِحُّ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ خَالَفْتُمُوهُ‏,‏ وَرَأَيْتُمْ تَزْكِيَتَهُ بِالذَّهَبِ وَرَآهُ هُوَ بِالْوَرِقِ بِالْقِيمَةِ‏,‏ وَقَدْ خَالَفَهُ عَلِيٌّ‏,‏ وَابْنُ عُمَرَ بِرِوَايَةٍ أَصَحَّ مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ عُمَرَ فَلاَ مَلْجَأَ لَهُمْ إلاَّ أَنْ يَقُولُوا‏:‏ قِسْنَاهُ عَلَى الْفِضَّةِ قَوْلُ عَلِيٍّ‏:‏ وَهَذَا قِيَاسٌ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ‏;‏ ثُمَّ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَكَانَ هَذَا مِنْهُ قِيَاسًا لِلْخَطَأِ عَلَى الْخَطَأِ وَعَلَى أَصْلٍ غَيْرِ صَحِيحٍ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ قَطُّ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ مِنْ أَنَّ كُلَّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِإِزَاءِ دِينَارٍ‏,‏ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ قَالُوهُ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ وَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ‏.‏

وَالدِّيَةِ‏,‏ وَالصَّدَاقِ‏,‏ وَكُلُّ ذَلِكَ خَطَأٌ مِنْهُمْ‏,‏ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهُ صَحِيحًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَنُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏;‏ إذْ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ وَبِالدَّلِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَجَبَ أَنْ لاَ يُزَكَّى الذَّهَبُ إلاَّ حَتَّى يُتِمَّ عِنْدَ مَالِكِهِ حَوْلاً كَمَا قَدَّمْنَا ثُمَّ اسْتَدْرَكْنَا فَرَأَيْنَا أَنَّ حَدِيثَ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ مُسْنَدٌ صَحِيحٌ لاَ يَجُوزُ خِلاَفُهُ، وَأَنَّ الاِعْتِلاَلَ فِيهِ بِأَنَّ عَاصِمَ بْنَ ضَمْرَةَ‏,‏ أَوْ أَبَا إِسْحَاقَ‏,‏ أَوْ جَرِيرًا خَلَطَ إسْنَادَ الْحَارِثِ بِإِرْسَالِ عَاصِمٍ‏:‏ هُوَ الظَّنُّ الْبَاطِلُ الَّذِي لاَ يَجُوزُ‏,‏ وَمَا عَلَيْنَا مِنْ مُشَارَكَةِ الْحَارِثِ لِعَاصِمٍ‏,‏ وَلاَ لاِِرْسَالِ مَنْ أَرْسَلَهُ، وَلاَ لِشَكِّ زُهَيْرٍ فِيهِ شَيْءٌ وَجَرِيرٌ ثِقَةٌ‏;‏ فَالأَخْذُ بِمَا أَسْنَدَهُ لاَزِمٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

684 - مَسْأَلَةٌ

وَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي حُلِيِّ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ إذَا بَلَغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِقْدَارَ الَّذِي ذَكَرْنَا وَأَتَمَّ عِنْدَ مَالِكِهِ عَامًا قَمَرِيًّا

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ، وَلاَ أَنْ يَخْرُجَ أَحَدُهُمَا عَنْ الآخَرِ، وَلاَ قِيمَتُهُمَا فِي عَرْضٍ أَصْلاً‏,‏ وَسَوَاءٌ كَانَ حُلِيَّ امْرَأَةٍ أَوْ حُلِيَّ رَجُلٍ‏,‏ وَكَذَلِكَ حِلْيَةُ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ وَكُلِّ مَصُوغِ مِنْهُمَا حَلَّ اتِّخَاذُهُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ وقال أبو حنيفة‏:‏ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وقال مالك‏:‏ إنْ كَانَ الْحُلِيُّ لاِمْرَأَةٍ تَلْبَسُهُ أَوْ تُكْرِيهِ أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ يَعُدُّهُ لِنِسَائِهِ فَلاَ زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ‏,‏ فَإِنْ كَانَ لِرَجُلٍ يَعُدُّهُ لِنَفْسِهِ عِدَّةً فَفِيهِ الزَّكَاةُ، وَلاَ زَكَاةَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حِلْيَةِ السَّيْفِ‏,‏ وَالْمِنْطَقَةِ‏,‏ الْمُصْحَفِ‏,‏ وَالْخَاتَمِ وقال الشافعي‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِي حُلِيِّ ذَهَبٍ‏,‏ أَوْ فِضَّةٍ وَجَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ السَّلَفِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ إيجَابِهِ الزَّكَاةَ فِي حُلِيِّ امْرَأَتِهِ‏.‏

وَهُوَ عَنْهُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ لِي حُلِيٌّ فَقَالَ لَهَا‏:‏ إذَا بَلَغَ مِائَتَيْنِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَبِي مُوسَى‏:‏ مُرْ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَأْمُرُ بِالزَّكَاةِ فِي حُلِيِّ بَنَاتِهِ وَنِسَائِهِ وَمِنْ طَرِيقِ حُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُهُ بِذَلِكَ كُلَّ عَامٍ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ لاَ بَأْسَ بِلُبْسِ الْحُلِيِّ إذَا أُعْطِيت زَكَاتُهُ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ‏,‏ وَعَطَاءٍ‏,‏ وَطَاوُسٍ‏,‏ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ‏,‏ وَمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ‏,‏ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ‏,‏ وَذَرٍّ الْهَمْدَانِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ‏,‏ وَاسْتَحَبَّهُ الْحَسَنُ‏.‏

قَالَ الزُّهْرِيُّ‏:‏ مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّ فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيِّ‏,‏ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ‏.‏

وَقَالَ اللَّيْثُ‏:‏ مَا كَانَ مِنْ حُلِيٍّ يُلْبَسُ وَيُعَارُ فَلاَ زَكَاةَ فِيهِ‏,‏ وَمَا كَانَ مِنْ حُلِيٍّ اُتُّخِذَ لِيُحْرَزَ مِنْ الزَّكَاةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ‏,‏ وَابْنُ عُمَرَ‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ وَهُوَ قَوْلُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ‏;‏ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ‏,‏ وَهُوَ عنهما صَحِيحٌ‏,‏ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ‏,‏ وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ‏,‏ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ‏;‏ وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ طَاوُسٍ‏,‏ وَالْحَسَنِ‏,‏ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏.‏

وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ فَمَرَّةً رَأَى فِيهِ الزَّكَاةَ‏,‏ وَمَرَّةً لَمْ يَرَهَا قال أبو محمد‏:‏ وَهُنَا قَوْلُ أَنَسٍ‏:‏ إنَّ الزَّكَاةَ فِيهِ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ‏,‏ ثُمَّ لاَ تَعُودُ فِيهِ الزَّكَاةُ‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَخَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ‏:‏ أَنَّ حِلْيَةَ السَّيْفِ مِنْ الْكُنُوزِ‏.‏

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعَطَاءٍ‏:‏ لاَ زَكَاةَ فِي قَدَحٍ مُفَضَّضٍ، وَلاَ فِي مِنْطَقَةٍ مُحَلاَّةٍ، وَلاَ فِي سَيْفٍ مُحَلًّى‏.‏

قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَتَقْسِيمٌ غَيْرُ صَحِيحٍ‏,‏ وَمَا عِلْمنَا ذَلِكَ التَّقْسِيمَ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ‏,‏ وَلاَ تَقُومُ عَلَى صِحَّتِهِ حُجَّةٌ مِنْ قُرْآنٍ، وَلاَ سُنَّةٍ، وَلاَ إجْمَاعٍ‏,‏ وَلاَ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلاَ قِيَاسٍ، وَلاَ رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ احْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا سَقَطَتْ عَنْ الْحُلِيِّ الْمُتَّخَذِ لِلنِّسَاءِ لأَِنَّهُ مُبَاحٌ لَهُنَّ‏,‏ وَكَذَلِكَ عَنْ الْمِنْطَقَةِ‏,‏ وَالسَّيْفِ‏,‏ وَحِلْيَةِ الْمُصْحَفِ‏,‏ وَالْخَاتَمِ لِلرِّجَالِ قال أبو محمد‏:‏ فَكَانَ هَذَا الاِحْتِجَاجُ عَجَبًا وَلَقَدْ عَلِمَ كُلُّ مُسْلِمٍ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَنِقَارَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ‏:‏ مُبَاحٌ اتِّخَاذُ كُلِّ ذَلِكَ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ تَسْقُطَ الزَّكَاةُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ‏,‏ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْعِلَّةُ صَحِيحَةً وَيَلْزَمُ عَلَى هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ مَنْ اتَّخَذَ مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِمَّا لَمْ يُبَحْ لَهُ اتِّخَاذُهُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ عُقُوبَةً لَهُ‏,‏ كَمَا أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إذَا اُتُّخِذَ مِنْهُ حُلِيٌّ مُبَاحٌ اتِّخَاذُهُ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ إنَّهُ يُشْبِهُ مَتَاعَ الْبَيْتِ الَّذِي لاَ زَكَاةَ فِيهِ مِنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا قلنا لَهُمْ‏:‏ فَأَسْقِطُوا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ نَفْسِهَا إنْ صَحَّحْتُمُوهَا الزَّكَاةَ عَنْ الإِبِلِ الْمُتَّخَذَةِ لِلرُّكُوبِ وَالسَّنِيِّ وَالْحَمْلِ وَالطَّحْنِ‏,‏ وَعَنْ الْبَقَرِ الْمُتَّخَذَةِ لِلْحَرْثِ وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدُ‏,‏ فَمَعَ فَسَادِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَتَنَاقُضِهَا‏,‏ مِنْ أَيْنَ قُلْتُمْ بِهَا وَمِنْ أَيْنَ صَحَّ لَكُمْ أَنَّ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنْ الْحُلِيِّ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ وَمَا هُوَ إلاَّ قَوْلُكُمْ جَعَلْتُمُوهُ حُجَّةً لِقَوْلِكُمْ، وَلاَ مَزِيدَ ثُمَّ أَيْنَ وَجَدْتُمْ إبَاحَةَ اتِّخَاذِ الْمِنْطَقَةِ الْمُحَلاَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى بِالْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ دُونَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ‏,‏ وَالْمَهَامِيزِ الْمُحَلاَّةِ بِالْفِضَّةِ فَإِنْ ادَّعَوْا فِي ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ السَّلَفِ ادَّعَوْا مَا لاَ يَجِدُونَهُ وَأَوْجَدْنَاهُمْ عَنْ السَّلَفِ بِأَصَحِّ طَرِيقٍ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ فِي تَارِيخِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُسْنَدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ عَمِّهِ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ‏:‏ رَأَيْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏,‏ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ‏,‏ وَصُهَيْبٍ خَوَاتِيمَ ذَهَبٍ وَصَحَّ أَيْضًا عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ‏.‏

فَأَسْقِطُوا لِهَذَا الزَّكَاةَ عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ لِلرِّجَالِ‏;‏ أَوْ قِيسُوا حِلْيَةَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ وَالدِّرْعِ وَالْبَيْضَةِ عَلَى الْمِنْطَقَةِ وَالسَّيْفِ‏;‏ وَإِلاَّ فَلاَ النُّصُوصَ اتَّبَعْتُمْ‏,‏ وَلاَ الْقِيَاسَ اسْتَعْمَلْتُمْ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ بِيَقِينٍ وأما قَوْلُ اللَّيْثِ فَفَاسِدٌ أَيْضًا‏,‏ لأَِنَّهُ لاَ يَخْلُو حُلِيُّ النِّسَاءِ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ لاَ تَكُونَ فِيهِ الزَّكَاةُ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَفِي كُلِّ حَالٍّ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ كَانَ لاَ زَكَاةَ فِيهِ فَمَا عَلِمْنَا عَلَى مَنْ اتَّخَذَ مَا لاَ زَكَاةَ فِيهِ لِيُحْرِزَهُ مِنْ الزَّكَاةِ زَكَاةً وَلَوْ كَانَ هَذَا لَوَجَبَ عَلَى مَنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمِهِ دَارًا أَوْ ضَيْعَةً لِيُحْرِزَهَا مِنْ الزَّكَاةِ أَنْ يُزَكِّيَهَا‏,‏ وَهُوَ لاَ يَقُولُ بِهَذَا وأما الشَّافِعِيُّ فَإِنَّهُ عَلَّلَ ذَلِكَ بِالنَّمَاءِ‏.‏

فَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْ الْحُلِيِّ وَعَنْ الإِبِلِ‏;‏ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ غَيْرِ السَّوَائِمِ قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا تَعْلِيلٌ فَاسِدٌ‏;‏ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلاَ سُنَّةٌ، وَلاَ إجْمَاعٌ، وَلاَ نَظَرٌ صَحِيحٌ‏;‏ وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الثِّمَارَ وَالْخُضَرَ تَنْمِي‏,‏ وَهُوَ لاَ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا وَكِرَاءُ الإِبِلِ‏,‏ وَعَمَلُ الْبَقَرِ يَنْمِي‏,‏ وَهُوَ لاَ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا وَالدَّرَاهِمُ لاَ تَنْمِي إذَا بَقِيَتْ عِنْدَ مَالِكِهَا‏,‏ وَهُوَ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهَا‏,‏ وَالْحُلِيُّ يَنْمِي كِرَاؤُهُ وَقِيمَتُهُ‏,‏ وَهُوَ لاَ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهِ وأما أَبُو حَنِيفَةَ فَأَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحُلِيِّ‏,‏ وَأَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنْ الْمُسْتَعْمَلَةِ مِنْ الإِبِلِ‏,‏ وَالْبَقَرِ‏,‏ وَالْغَنَمِ‏;‏ وَهَذَا تَنَاقُضٌ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ مُقَلِّدِيهِ بِأَنَّ الذَّهَبَ‏,‏ وَالْفِضَّةَ قَبْلَ أَنْ يُتَّخَذَ حُلِيًّا كَانَتْ فِيهِمَا الزَّكَاةُ‏,‏ ثُمَّ قَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ قَدْ سَقَطَ عنهما حَقُّ الزَّكَاةِ‏.‏

وَقَالَ آخَرُونَ‏:‏ لَمْ يَسْقُطْ‏,‏ فَوَجَبَ أَنْ لاَ يَسْقُطَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِاخْتِلاَفٍ فَقُلْنَا‏:‏ هَذِهِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ‏;‏ إلاَّ أَنَّهَا لاَزِمَةٌ لَكُمْ فِي غَيْرِ السَّوَائِمِ‏;‏ لاِتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تُعْلَفَ‏,‏ فَلَمَّا عُلِفَتْ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ أَوْ تَمَادِيهَا‏,‏ فَوَجَبَ أَنْ لاَ يَسْقُطَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِاخْتِلاَفٍ وَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ‏:‏ وَجَدْنَا الْمَعْلُوفَةَ نُنْفِقُ عَلَيْهَا وَنَأْخُذُ مِنْهَا‏,‏ وَوَجَدْنَا السَّوَائِمَ نَأْخُذُ مِنْهَا، وَلاَ نُنْفِقُ عَلَيْهَا‏;‏ وَالْحُلِيُّ يُؤْخَذُ كِرَاؤُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ، وَلاَ يُنْفَقُ عَلَيْهِ‏,‏ فَكَانَ أَشْبَهَ بِالسَّوَائِمِ مِنْهُ بِالْمَعْلُوفَةِ فَقِيلَ لَهُ‏:‏ وَالسَّائِمَةُ أَيْضًا يُنْفَقُ عَلَيْهَا أَجْرُ الرَّاعِي‏.‏

وَهَذِهِ كُلُّهَا أَهْوَاسٌ وَتَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالضَّلاَلِ قال أبو محمد‏:‏ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى إيجَابَ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ بِآثَارٍ وَاهِيَةٍ‏,‏ لاَ وَجْهَ لِلاِشْتِغَالِ بِهَا‏,‏ إلاَّ أَنَّنَا نُنَبِّهُ عَلَيْهَا تَبْكِيتًا لِلْمَالِكِيِّينَ الْمُحْتَجِّينَ بِمِثْلِهَا وَبِمَا هُوَ دُونَهَا إذَا وَافَقَ تَقْلِيدَهُمْ وَهِيَ‏:‏ خَبَرٌ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَفِي يَدِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا‏:‏ أَتُؤَدِّينَ زَكَاةَ هَذَا قَالَتْ‏:‏ لاَ‏,‏ قَالَ‏:‏ أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ فَأَلْقَتْهُمَا‏,‏ وَقَالَتْ‏:‏ هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ‏.‏

وَالْمَالِكِيُّونَ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ‏,‏ وَلَمْ يَرْوِهِ هَاهُنَا حُجَّةً‏:‏ وَخَبَرٌ مِنْ طَرِيقِ عَتَّابٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلاَنَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا لِي مِنْ ذَهَبٍ‏,‏ فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ قَالَ‏:‏ مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ‏.‏

وَعَتَّابٌ مَجْهُولٌ‏,‏ إلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيِّينَ يَحْتَجُّونَ بِمِثْلِ حَرَامِ بْنِ عُثْمَانَ‏,‏ وَسَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ‏,‏ وَهَذَا خَيْرٌ مِنْهُ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ‏:‏ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو، هُوَ ابْنُ عَطَاءٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ‏:‏ دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَرَأَى فِي يَدِي سِخَابًا مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ‏:‏ أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُ قُلْت‏:‏ لاَ‏,‏ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى‏,‏ فَقَالَ‏:‏ هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ضَعِيفٌ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ يَحْتَجُّونَ بِرِوَايَتِهِ‏,‏ إذَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ‏.‏

وَنَقُولُ لِلْحَنَفِيِّينَ‏:‏ أَنْتُمْ قَدْ تَرَكْتُمْ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي غَسْلِ الإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقٍ لاَ خَيْرَ فِيهَا أَنَّهُ خَالَفَ مَا رُوِيَ مِنْ ذَلِكَ لاَ حُجَّةَ لَكُمْ فِي تَرْكِ ذَلِكَ الْخَبَرِ الثَّابِتِ إلاَّ بِهَذَا‏,‏ ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِرَاوِيَةِ عَائِشَةَ هَذِهِ الَّتِي لاَ تَصِحُّ‏;‏ وَهِيَ قَدْ خَالَفَتْهُ مِنْ أَصَحِّ طَرِيقٍ‏,‏ فَمَا هَذَا التَّلاَعُبُ بِالدِّينِ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ قَدْ رُوِيَ عَنْهَا الأَخْذُ بِمَا رَوَتْ مِنْ هَذَا قلنا لَهُمْ‏:‏ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ الأَخْذُ بِمَا رَوَى فِي غَسْلِ الإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ قَدْ رَوَى زَكَاةَ الْحُلِيِّ كَمَا أَوْرَدْتُمْ غَيْرُ عَائِشَةَ‏,‏ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو‏.‏

قلنا لَهُمْ‏:‏ وَقَدْ رَوَى غَسْلَ الإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا غَيْرُ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ‏;‏ وَهَذَا مَا لاَ انْفِكَاكَ لَهُمْ مِنْهُ قال أبو محمد‏:‏ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلاَّ هَذِهِ الآثَارُ لَمَا قلنا بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْحُلِيِّ‏;‏ وَلَكِنْ لِمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَإِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَكَانَ الْحُلِيُّ وَرِقًا وَجَبَ فِيهِ حَقُّ الزَّكَاةِ‏,‏ لِعُمُومِ هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ وأما الذَّهَبُ فَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ لاَ يُؤَدِّي مَا فِيهَا إلاَّ جُعِلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ يُكْوَى بِهَا فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ ذَهَبٍ بِهَذَا النَّصِّ‏,‏ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ مِنْ الذَّهَبِ عَمَّنْ لاَ بَيَانَ فِي هَذَا النَّصِّ بِإِيجَابِهَا فِيهِ‏;‏ وَهُوَ الْعَدَدُ وَالْوَقْتُ‏,‏ لاِِجْمَاعِ الآُمَّةِ كُلِّهَا بِلاَ خِلاَفٍ مِنْهَا أَصْلاً عَلَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُوجِبْ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَدَدٍ مِنْ الذَّهَبِ‏,‏ وَلاَ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ الزَّمَانِ‏,‏ فَلَمَّا صَحَّ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ وَالْوَقْتِ وَجَبَ أَنْ لاَ يُضَافَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ مَا صَحَّ عَنْهُ بِنَقْلِ آحَادٍ أَوْ بِنَقْلِ إجْمَاعٍ‏;‏ وَلَمْ يَأْتِ إجْمَاعٌ قَطُّ بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُرِدْ إلاَّ بَعْضَ أَحْوَالِ الذَّهَبِ وَصِفَاتِهِ‏,‏ فَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ فإن قيل‏:‏ فَهَلاَّ أَخَذْتُمْ بِقَوْلِ أَنَسٍ فِي الْحُلِيِّ بِهَذَا الدَّلِيلِ نَفْسِهِ‏,‏ فَلَمْ تُوجِبُوا فِيهِ الزَّكَاةَ إلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي الدَّهْرِ قلنا لَهُمْ‏:‏ لأَِنَّهُ قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إيجَابُ الزَّكَاةِ فِي الذَّهَبِ عُمُومًا‏,‏ وَلَمْ يَخُصَّ الْحُلِيَّ مِنْهُ بِسُقُوطِ الزَّكَاةِ فِيهِ‏,‏ لاَ بِنَصٍّ، وَلاَ بِإِجْمَاعٍ‏,‏ فَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِالنَّصِّ فِي كُلِّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ‏,‏ وَخَصَّ الإِجْمَاعُ الْمُتَيَقَّنُ بَعْضَ الأَعْدَادِ مِنْهُمَا وَبَعْضَ الأَزْمَانِ‏,‏ فَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهِمَا إلاَّ فِي عَدَدٍ أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ وَفِي زَمَانٍ أَوْجَبَهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ‏,‏ وَلَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْهُمَا‏;‏ إذْ قَدْ عَمَّهُمَا النَّصُّ‏;‏ فَوَجَبَ أَنْ لاَ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَحْوَالِ الذَّهَبِ بِغَيْرِ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ‏,‏ وَصَحَّ يَقِينًا بِلاَ خِلاَفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوجِبُ الزَّكَاةَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كُلَّ عَامٍ‏,‏ وَالْحُلِيِّ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ ‏"‏ إلاَّ الْحُلِيَّ ‏"‏ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وأما الْجَمْعُ بَيْنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّ مَالِكًا‏,‏ وَأَبَا يُوسُفَ‏,‏ وَمُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ‏,‏ قَالُوا‏:‏ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ مَا إذَا حَسِبَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ دِينَارٍ بِإِزَاءِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَاجْتَمَعَ مِنْ ذَلِكَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ زَكَّى الْجَمِيعَ زَكَاةً وَاحِدَةً‏,‏ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لَهُ دِينَارٌ وَمِائَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا‏,‏ أَوْ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَلَى هَذَا الْحُكْمِ أَبَدًا‏.‏

فَإِنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ‏,‏ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى غَلاَءِ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ‏,‏ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَوْ رُخْصِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ‏:‏ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ‏,‏ فَإِذَا بَلَغَ قِيمَةُ مَا عِنْدَهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ‏,‏ وَإِلاَّ فَلاَ‏,‏ فَيَرَى عَلَى مَنْ عِنْدَهُ دِينَارٌ وَاحِدٌ يُسَاوِي لِغَلاَءِ الذَّهَبِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ وَعِنْدَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ‏:‏ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ‏,‏ وَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ غَيْرَ دِرْهَمٍ لاَ تُسَاوِي دِينَارًا زَكَاةً وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى‏;‏ وَشَرِيكٌ‏;‏ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ‏:‏ لاَ يُضَمُّ ذَهَبٌ إلَى وَرِقٍ أَصْلاً‏;‏ لاَ بِقِيمَةٍ، وَلاَ عَلَى الأَجْزَاءِ‏,‏ فَمَنْ عِنْدَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ غَيْرُ حَبَّةٍ وَعِشْرُونَ دِينَارًا غَيْرُ حَبَّةٍ‏:‏ فَلاَ زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا‏,‏ فَإِنْ كَمُلَ أَحَدُهُمَا نِصَابًا زَكَّاهُ وَلَمْ يُزَكِّ الآخَرَ قال أبو محمد‏:‏ وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا أَثْمَانُ الأَشْيَاءِ قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ فَيُقَالُ لَهُ‏:‏ وَالْفُلُوسُ قَدْ تَكُونُ أَثْمَانًا أَيْضًا‏,‏ فَزَكِّهَا عَلَى هَذَا الرَّأْيِ الْفَاسِدِ‏.‏

وَالأَشْيَاءُ كُلُّهَا قَدْ يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ‏,‏ فَتَكُونُ أَثْمَانًا‏,‏ فَزَكِّ الْعُرُوضَ بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَأَيْضًا‏:‏ فَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا أَثْمَانًا لِلأَشْيَاءِ وَجَبَ ضَمُّهُمَا فِي الزَّكَاةِ فَهَذِهِ عِلَّةٌ لَمْ يُصَحِّحْهَا قُرْآنٌ‏,‏ وَلاَ سُنَّةٌ‏,‏ وَلاَ رِوَايَةٌ فَاسِدَةٌ‏,‏ وَلاَ إجْمَاعٌ‏,‏ وَلاَ قَوْلُ صَاحِبٍ‏,‏ وَلاَ قِيَاسٌ يُعْقَلُ‏,‏ وَلاَ رَأْيٌ سَدِيدٌ وَإِنَّمَا هِيَ دَعْوَى فِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَأَيْضًا‏:‏ فَإِذْ صَحَّحْتُمُوهَا فَاجْمَعُوا بَيْنَ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ لأَِنَّهُمَا يُؤْكَلاَنِ وَتُشْرَبُ أَلْبَانُهُمَا‏,‏ وَيُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ فِي الْهَدْيِ نَعَمْ‏,‏ وَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَنَمِ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ لأَِنَّهَا كُلَّهَا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِيّ وَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فإن قيل‏:‏ النَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا قلنا‏:‏ وَالنَّصُّ فَرَّقَ بَيْنَ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ لاَ يَخْلُو الذَّهَبُ‏,‏ وَالْفِضَّةُ مِنْ أَنْ يَكُونَا جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ جِنْسَيْنِ‏,‏ فَإِنْ كَانَا جِنْسًا وَاحِدًا فَحَرَّمُوا بَيْعَ أَحَدِهِمَا بِالآخَرِ مُتَفَاضِلاً‏,‏ وَإِنْ كَانَا جِنْسَيْنِ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْجِنْسَيْنِ لاَ يَجُوزُ‏,‏ إلاَّ بِنَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّمْرِ‏,‏ وَالزَّبِيبِ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ وَهُمْ لاَ يَقُولُونَ هَذَا‏,‏ لأَِنَّهُمَا قُوتَانِ حُلْوَانِ فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ بِيَقِينٍ وَأَيْضًا‏:‏ فَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِالْقِيمَةِ أَنْ يُزَكِّيَ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَقَدْ شَاهَدْنَا الدِّينَارَ يَبْلُغُ بِالأَنْدَلُسِ أَزْيَدَ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ شَنِيعٌ جِدًّا وَيَلْزَمُ مَنْ رَأَى الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا بِتَكَامُلِ الأَجْزَاءِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الذَّهَبُ رَخِيصًا أَوْ غَالِيًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الذَّهَبَ عَنْ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةَ بِالْقِيمَةِ‏.‏

أَوْ تُخْرَجُ الْفِضَّةُ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَهَذَا ضِدُّ مَا جَمَعَ بِهِ بَيْنَهُمَا‏,‏ فَمَرَّةً رَاعَى الْقِيمَةَ لاَ الأَجْزَاءَ‏,‏ وَمَرَّةً رَاعَى الأَجْزَاءَ لاَ الْقِيمَةَ‏,‏ فِي زَكَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا خَطَأٌ بِيَقِينٍ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَبَيْنَ مَنْ قَالَ‏:‏ بَلْ أَجْمَعُ الذَّهَبَ مَعَ الْفِضَّةِ بِالْقِيمَةِ وَأُخْرِجُ عنهما أَحَدَهُمَا بِمُرَاعَاةِ الأَجْزَاءِ‏;‏ وَكِلاَهُمَا تَحَكُّمٌ بِالْبَاطِلِ وَأَيْضًا‏:‏ فَيَلْزَمُهُ إذَا اجْتَمَعَ لَهُ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ تَجِبُ فِيهِمَا عِنْدَهُ الزَّكَاةُ وَكَانَ الدِّينَارُ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَإِنَّهُ إنْ أَخْرَجَ ذَهَبًا عَنْ كِلَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبْعَ دِينَارٍ وَأَقَلَّ عَنْ زَكَاةِ عِشْرِينَ دِينَارًا‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ عِنْدَهُمْ‏,‏ وَإِنْ أَخْرَجَ دَرَاهِمَ عَنْ كِلَيْهِمَا وَكَانَ الدِّينَارُ لاَ يُسَاوِي إلاَّ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَجَبَ أَنْ يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ عَنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ وَهَذَا بَاطِلٌ بِإِجْمَاعٍ فَإِنْ قَالُوا‏:‏ إنَّكُمْ تَجْمَعُونَ بَيْنَ الضَّأْنِ وَالْمَاعِزِ فِي الزَّكَاةِ‏,‏ وَهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ قلنا نَعَمْ‏,‏ لأَِنَّ الزَّكَاةَ جَاءَتْ فِيهِمَا بِاسْمٍ يَجْمَعُهُمَا‏,‏ وَهُوَ لَفْظُ ‏"‏ الْغَنَمِ ‏"‏ ‏"‏ وَالشَّاءِ ‏"‏ وَلَمْ تَأْتِ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ بِلَفْظٍ يَجْمَعُهُمَا وَلَوْ لَمْ تَأْتِ الزَّكَاةُ فِي الضَّأْنِ إلاَّ بِاسْمِ ‏"‏ الضَّأْنِ ‏"‏، وَلاَ فِي الْمَاعِزِ إلاَّ بِاسْمِ ‏"‏ الْمَاعِزِ ‏"‏ لَمَا جَمَعْنَا بَيْنَهُمَا‏,‏ كَمَا لَمْ نَجْمَعْ بَيْنَ الْبَقَرِ‏,‏ وَالإِبِلِ وَلَوْ جَاءَتْ الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ بِلَفْظٍ وَاسْمٍ جَمَعَ بَيْنَهُمَا لَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا قال أبو محمد‏:‏ وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الذَّهَبَ غَيْرُ الْفِضَّةِ‏,‏ وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِمِائَةٍ مِنْ الآخَرِ‏,‏ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا حَلاَلٌ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ‏,‏ وَالآخَرَ حَلاَلٌ لِلنِّسَاءِ حَرَامٌ عَلَى الرِّجَالِ‏,‏ وَهُمْ مُقِرُّونَ أَنَّ الزَّكَاةَ لاَ تَجِبُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ وَلاَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ يُوجِبُونَهَا فِي عَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهَذَا تَنَاقُضٌ لاَ خَفَاءَ بِهِ قال أبو محمد‏:‏ وَحُجَّتُنَا فِي أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الزَّكَاةِ هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَكَانَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ قَدْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ أَوَاقٍ وَهَذَا خِلاَفٌ مُجَرَّدٌ لاَِمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ‏;‏ وَهُمْ يُصَحِّحُونَ الْخَبَرَ فِي إسْقَاطِ الزَّكَاةِ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ يُوجِبُونَهَا فِي أَقَلَّ‏.‏

وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ‏,‏ وَعُمَرَ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ‏:‏ إسْقَاطُ الزَّكَاةِ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ‏,‏ وَلاَ مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وأما إخْرَاجُ الذَّهَبِ عَنْ الْوَرِقِ‏,‏ وَالْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ‏,‏ فَإِنَّ مَالِكًا‏,‏ وَأَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَاهُ وَمَنَعَ مِنْهُ الشَّافِعِيُّ‏,‏ وَأَبُو سُلَيْمَانَ‏,‏ وَبِهِ نَأْخُذُ‏;‏ لأَِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ‏,‏ وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِهِ فَقَدْ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ‏.‏

وَمَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ‏.‏

وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ‏.‏

وَلَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا أُمِرَ فَلَمْ يُزَكِّ وأما الذَّهَبُ فَالآُمَّةُ كُلُّهَا مُجْمِعَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ فِي زَكَاتِهَا الذَّهَبَ فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ‏,‏ وَوَافَقَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَخْرَجَ فِضَّةً عَنْ ذَهَبٍ‏,‏ أَوْ عَرْضًا عَنْ أَحَدِهِمَا‏,‏ أَوْ غَيْرَ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَدَاهُمَا فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُكْمًا بِغَيْرِ نَصٍّ، وَلاَ إجْمَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏